منتديات واحتي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ترفيهي اجتماعي


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

ظاهرها 'كتابة' وباطنها 'إملاء'!

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1ERGEWRG ظاهرها 'كتابة' وباطنها 'إملاء'! الثلاثاء يونيو 10, 2008 5:04 am

غروب الشمس

غروب الشمس
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى

ممتنعة عليهم

ظاهرها 'كتابة' وباطنها 'إملاء'!

الكتابة هي 'السهل الممتنِع' ليس على المبتدئين فحسب، وإنَّما على 'كُتَّابٍ' توهَّموا أنَّهم 'الكُتَّاب'.

في تجربة "الكتابة"، أو "التأليف"، نقِف على كثيرٍ من معنى "السهل الممتنِع"، فالكاتِب هو في الصورة، والشكل، اجتماع اليد والقلم والورقة، فليس من كاتِب لا يُمْسِك بقلم، ليسيل منه الحبر كلمات على ورقة؛ ولكن، ليس كل من امسكَ بقلم، وسَيَّل حبره كلمات على ورقة أصبح كاتباً.

وهذا الذي قُلْت لم أقله استعلاءً، وإنَّما إنصاف للحقيقة في عالم الكتابة، فالكتابة هي أوَّلاً بنت العلم والفن، وهي، ولو كانت "مَلَكَة" في معنى ما، إنَّما تنمو وتتطوَّر في التجربة، فالكاتِب لا يُوْلَد كاتِباً، بل يصبح كاتباً. وأنتَ يكفي أن تخوض تجربة الكتابة زمناً طويلاً حتى تتوصَّل إلى استنتاج مؤدَّاه أنَّ الكتابة هي "التفكير في درجته العليا"، أو هي "التفكير في حُلَّته الرسمية".

قد تُعبِّر عن فكرة ما في رأسكَ باللسان؛ ولكن يكفي أن تحاول التعبير عنها كتابةً حتى تشعر أنَّكَ في حاجة إلى أن تَزِن كل كلمة تريد كتابتها بموازين عدة، منها "ميزان اللغة"، و"ميزان الفكر والمنطق"، و"ميزان الأسلوب"، و"ميزان الحلال والحرام"، الذي قليله ديني، وكثيره سياسي؛ وهذا الشعور يشعر به عادةً رجال الدولة وهم يُدْلون بتصريحات "رسمية"، بألسنة من الدبلوماسية الخالصة تقريباً، فـ "الكلمة"، وفي عالم السياسة والدبلوماسية على وجه الخصوص، إنَّما تستمد جزءاً كبيراً من أهميتها ووقعها من وزن قائلها.

والكاتِب هو الأكثر قدرة على اختبار وإدراك المنسوب الحقيقي لحرية التعبير في مجتمعه؛ فهذه الحرية إنَّما هي تجربته الدائمة، واليومية عند كثير من الكتَّاب؛ وهو، بالتالي، الذي يحقُّ له أكثر من غيره أن يتحدَّث عمَّا يتمتَّع به مجتمعه، بأفراده وجماعاته، من حرِّيات فكرية وسياسية وصحافية.

وأذْكُر أنَّ كاتباً قضى عمره في الكتابة في أمور وقضايا جُلها من "المحرَّمات الفكرية والسياسية" قد قال وكأنَّه يستخلص أهم الدروس والعِبَر من تجربته الطويلة في الكتابة وحرِّية التعبير "إنَّ كل حرية التعبير في عالمنا العربي لا تكفي كاتباً واحداً أراد أن يُعبِّر في حرية تامة عن كل ما في رأسه من أفكار، وعن كل ما في قلبه من مشاعر."!

حتى "الحل الوسط (أو التسوية)" Compromise الذي اقترحه فولتير، إذ قال "قد يرغمني الأقوياء على أن أمنع نفسي من قول كل ما أن مؤمِن به؛ ولكن ما مِنْ قوَّة في مقدورها أن ترغمني على قول ما أنا لست بمؤمِن به."، يشقُّ على الكاتب عندنا أن يأخذ به ويمارسه، فالأقوياء (في عالم السلطة والمال) عندنا قد يرغمون الكاتِب على أن يكون القلم الذي من خلاله تنتقل أفكارهم هُم إلى رؤوس وعيون وآذان الناس من القرَّاء والمشاهدين والمستمعين.

وطالما رأيْنا كاتباً يَزِن كل كلمة يريد كتابتها بميزان ما يرضي أو يُغْضِب هذا القوي أو ذاك من الأقوياء في عالم السلطة والمال في مجتمعه، وكأنَّه "آلة"، أي لا لحم له، ولا دم، لا مشاعر ولا عقل.

ودرءاً لمخاطر معيَّنة، بعضها واقعي، وبعضها وهمي، يكتب كثيرٌ من الكتَّاب بما يجعل الكتابة على هيئة شجرة خريفية، أو على هيئة عِظام لم تُكْسَ بعد لحماً، فـ "التعيين"، أو "التحديد"، فيما يكتبون وينشرون، هو قطرة في بحر "التجريد"، وكأنَّهم من مدرسة "كليلة ودمنة". إنَّهم لا يتحدَّثون عن زيد، أو عمرو، وإنَّما عن "الرجل العام"، الذي لا وجود له في العالم الواقعي. حتى الفاسدين المفسدين من "المواطنين غير العاديين"، ومن الشركات والمؤسَّسات.. والمطاعم، لا يجرؤون على ذِكْر أسمائهم، فالقضاء عندنا يجعل المُتَّهَم مُتَّهِماً، والمُتَّهِم مُتَّهَماً.

"الكاتِب الحر" إنَّما هو الكاتب الذي يكتب بقطرات دمه، ويتَّخِذ من الحرف سِكِّيناً، ويعيش من أجل أن يكتب، ولا يكتب من أجل أن يعيش؛ وهو الذي مهما أحبَّ أفلاطون يظل حبه للحقيقة أكبر وأعظم، فلو وضعوا الشمس في يمينه والقمر في يساره لا ينطق إلاَّ بما يراه حقَّاً وحقيقةً.

هذا الكاتِب نادر الوجود في مجتمعنا، فهو لا يظهر، ولا يَكْثُر، إلاَّ في مجتمعٍ حر.. مجتمع يخشى حجب الحقيقة، ولا يخشى إظهارها؛ ظاهره باطنه، وباطنه ظاهره، فلا باطنية، ولا سرِّية، في الفكر والتفكير.

أمَّا الكتبة من الذين لا يميِّزون "البقالة" من "الكتابة"، فهم كُثْرٌ متكاثرون، يَزِنون "الفكر"، في حبرهم وورقهم، بميزان كذاك الذي نراه على بعض الأرصفة، لا يُظْهِر وزنكَ إلاَّ إذا أطعمته "قرشا".

هؤلاء مع "فكرهم" يحظون بالرعاية والعناية، يُجْزِلون لهم العطاء، يُلمِّعونهم، ويُزَرْكشونهم، و"يُنَجِّمونهم"، ويُمَلِّكونهم حتى يظلوا ممتلكين لهم، ويحقنونهم بمصول "القوَّة" مع أنَّ التجربة تنتهي دائماً إلى تأكيد أنَّ البغل مهما قوي، أو قوُّوه، لن يصبح حصاناً.

تراهم دائماً في "الصورة"، تارةً يبرقون، وطوراً يرعدون؛ أمَّا "الحقيقة" التي ينطقون بها، إذا ما حسبنا النهيق نُطْقاً، فهي ما يُفكِّر فيه الآن أولياء أمورهم، الذين لا يملكون من المصالح والأهداف إلاَّ ما يَحْملهم على استنفاد جهدهم ووقتهم في محاولة إثبات أنَّ اللبن أسود، وأنَّ المرأة نصف الحامل حقيقة واقعة!

إنَّهم، في مبدأ وسبب وجودهم، كالنقد المزوَّر، فهل من حاجة إلى "النقد المزوَّر" حيث لا وجود لـ "النقد الحقيقي"؟!

هؤلاء استوى عندهم الفكر والحذاء.. البقالة والكتابة، فأصبح للقارئ الواحد عندنا عشرة كُتَّاب؛ أمَّا في المجتمعات الحرَّة، التي تعشق "الكتابة"، وتكره "الإملاء"، وتميِّز "الكتابة" من "الإملاء"، فنرى للكاتِب الواحد مئات، وآلاف، القرَّاء، فبئس "كتابة" جعلت القرَّاء قطرة في بحر "الكُتَّاب"!

إنَّ الكتابة هي "السهل الممتنِع".. "الممتنِع" ليس على المبتدئين في محاولتها فحسب، وإنَّما على "كُتَّابٍ"، نجحوا في كتابة أسمائهم، أو ما يشبهها، فتوهَّموا أنَّهم "الكُتَّاب". إنَّها ممتنعِة عليهم هم على وجه الخصوص، ولو كانت أقلامهم أعلى من قاماتهم!

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى