منتديات واحتي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ترفيهي اجتماعي


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

استشراق سيء السمعة

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1ERGEWRG استشراق سيء السمعة الجمعة مايو 09, 2008 4:08 am

غروب الشمس

غروب الشمس
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى

من باب الحيطة والحذر

استشراق سيء السمعة

انتهى العصر الذهبي للاستشراق، واختلفت صورته بدخول أميركا الميدان ولا بديل لنا عن 'الاستغراب'.


يبدو أن هناك مفهوما مشتركا عند الباحثين في مصطلح "الاستشراق" في مجمله، بأنه كل ما يخص البحث في أمور تتعلق بالشرق، سواء أكانت حضارية، عقائدية، لغوية وأدبية، وثقافية. وينهض بها "مستشرق" غربي (أوروبي/أميركي).

إذن فالاستشراق تيار فكري، وإن بدت موضوعاته قديمة، إلا أن المصطلح ليس كذلك، فقد ظهر في نهاية القرن الـ 18 ببريطانيا، وشاع بعد ذلك في أوروبا، ثم أميركا خلال القرن العشرين.

وقد عبرت الأقلام العربية عن رؤيتها تجاه معطيات الاستشراق. منهم الطيب بن إبراهيم (جزائري) بقوله "إن الاستشراق ليس تاريخا أو جغرافيا أو إنسانا أو ثقافة فحسب، هو كل هذه العناصر، هو المكان والزمان والإنسان والثقافة.. أي (الشرق الهوية). وأن الاستشراق بما هو عليه يحمل في طياته بذور الصراع والحرب."

ونال من صورة الشرقي/العربي/المسلم في ذهنية الفرد العادي في أوروبا، عند الفرنسي (مثلا) لا ينسى أن القائد شارل مارتل هو الذي أوقف جيش المسلمين/الأتراك في بواتيه، ودور شارلمان في الحروب الصليبية، وحتى الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية بأطماعها وسيطرتها.

وهو ما أبرزه أيضا د. إدوارد سعيد (فلسطيني/أميركي) أن الاستشراق بشكله وملامحه هو الإسقاط الغربي على الشرق، وإرادة السيطرة عليه. أو هو الرؤية العنصرية تجاه ما أطلق عليه مصطلح "الجغرافيا التخيلية"، تلك الجغرافيا وضعت الشرق/الآخر كعدو للغرب. وبدأت تلك الصورة للشرق تتشكل وتبرز، منذ ولدت العقلانية الأوروبية التي تبحث عن مستحثات نموذجية للتقدم.

المعنى اللغوي للاستشراق: في العربية الكلمة على وزن (استفعال)، ومنحوتة من (شرق) ومعناها المباشر "طلب الشرق".. وفى اللاتينية oriant وتعنى يتعلم أو يبحث عن شيء ما، ومنها الإنجليزية orientalism وهى تعني علم الشرق أو علم العالم الشرقي، الذي يتناول المجتمعات الشرقية بالدراسة والتحليل من قبل علماء الغرب. وقريب من هذا المعنى في الألمانية والفرنسية.

وقد ظهر المصطلح وشاع في إنجلترا عام 1779، وفى فرنسا عام 1799، ثم سجل في الأكاديمية الفرنسية عام 1838.

خلال تلك الفترة بدأ التناول العلمي والبحث الممنهج (بصرف النظر عن النتائج، ورؤيتنا لها في الشرق) مع أول مؤتمر دولي للمستشرقين في باريس عام 1873، بينما النشاط الاستشراقي المتفاعل عبر عن نفسه من خلال إنشاء جمعيات استشراقية بداية بالجمعية الآسيوية في باريس عام 1822، ثم الجمعية الآسيوية في بريطانيا عام 1823، والجمعية الشرقية الأميركية في 1842، والألمانية عام 1845.. وتوالت الجمعيات الأوروبية.

كما تم إصدار حوالي 300 مجلة دورية مثل مجلة "العالم الاسلامى" في بريطانيا، ومجلة "عالم الإسلام" في روسيا ثم في فينا. وإن استمرت بعضها، وتوقفت بعضها الآخر.

ومع ذلك تلقت البحوث والقراءة العربية حول الاستشراق باعتباره، النزعة الاستعلائية والعدائية منذ القدم، وقبل كل تلك المجهودات المنظمة. فمن قائل إنها بدأت منذ غزوة "مؤتة" والصراع العسكري، ورأي يرى أنه مع الدولة الإسلامية في الأندلس، ومنذ الدولة الأموية بالقرن الثاني الهجري. فيما يرى رأي ثالث أن الاستشراق عبر عن نفسه ووجوده مع الحروب الصليبية.

بينما يبدو الإشارة إلى عام 1312 سببا مقنعا، حيث صدر قرار مجمع "فيينا" الكنسي بإنشاء عدد من كراسي اللغة العربية في الجامعات الأوربية، لدراسة الشرق/العرب والمسلمين فكريا وعقائديا. وهو ما تحقق بجامعات أكسفورد وبولونيا والجامعة البابوية في روما.

ولعله من المناسب الإشارة إلى ما قال به د. محسن جاسم موسوي من أن العرب التفتوا (علميا وإعلاميا) إلى موضوع الاستشراق، بعد مقال د. أنور عبدالملك في مجلة "ديوجين" عام1963، بعنوان "الاستشراق في أزمة"، ومن بعده توالت الدراسات.

وهناك بعض المجهودات الفردية والرائدة في هذا المجال (الاستشراق)، وقد سبقت التنظيمات المؤسسية التي شاعت فيما بعد (كما أشرنا).

البابا سلفستر، وهو أول فرنسي يرشح للبابوية، وقد درس العربية وأدبها في الأندلس بين عامي 999 حتى 1003. أيضا جيراردى كريمونا الإيطالي (1114 - 1187). كذلك اليهودي المتنصر يوحنا الأشبيلي، ومعهم رايموند لول (1235 - 1314) الذي قضى تسع سنوات في تعلم اللغة العربية والإسلام، ثم عاد وطلب من البابا أهمية تعلم اللغة العربية في الجامعات الأوروبية، وافقه البابا، وتم بالفعل، وغيرهم.

وربما عرف من المستشرقين العاملين بالشرق، الراهب يوحنا الدمشقي في الشام، وله كتابان شهيران: "حياة محمد"، و"حوار بين مسيحي ومسلم"، والأخير يرشد المسيحي كيفية مجادلة المسلم.

لعله من المناسب التوقف أمام الكاردينال جون هنري نيومان (1801 - 1890) في كتابه "تصويرات تاريخية" الذي أشاد بالروس وتدخل الإنجليز لصالحهم، في حرب الروس مع الأتراك، وقد عبر عن سعادته بهزيمة المسلمين الأتراك أيما سعادة في حرب "القرم" عام 1853. وهو القائل بفكرة تقسيم العالم إلى خطين، أفقي وآخر رأسي، الشمال البارد والجنوب الدافئ، والصراع حتمي بينهما، أما الخط الرأسي، فيقسم العالم إلى غرب حضاري وشرق خرافات، وحتمية الصراع بينهما.

مجمل هؤلاء وغيرهم، في الغالب الأعم ليس عنده نظرة إيجابية تجاه الإسلام والمسلمين. وإن يذكر للبعض رؤيته الموضوعية في التناول لأي موضوع لاهوتي عقائدي أو غيره متعلق بالشرق، وهم قلة قليلة، منهم يوهان ج. رايسكة، وقد اتهم بالزندقة، ومات مسلولا، وأيضا زيجريد هونكة صاحبة كتاب "شمس العرب تسطع على الغرب"، وتوماس أرنولد وكتابه "الدعوة إلى الإسلام".

كما لعب أدب الرحلات والرحالة دورا لا يمكن إغفاله في موضوع "الاستشراق"، نظرا لتأثير تلك الكتابات السهلة والمسلية على القارئ العادي. وكانت في مجملها تبحث عن العجائبى والغريب والطريف، وليس على جوهر ظاهرة ما، وأن في الاختلاف بين الجماعات الإنسانية إثراء لحياة الإنسان على الأرض. لكنها النظرة المتعالية التي انتقدها إداوارد سعيد في كتابه الهام "الاستشراق".

يمكن الآن إجمال أسباب "الاستشراق" وشيوعه، في عدد من العوامل: لاهوتية، تبشيرية، تجارية وجغرافية. وأكثر آلاما للشرقي/العربي/المسلم المتعلق منها بالعقيدة.

قال جورج سيل، وهو مترجم "معاني القرآن"، وكتب في مقدمة الكتاب "أن القرآن من اختراع محمد"!

وقال "ريتشارد بل" إن النبي استمد القرآن من مصادر يهودية ونصرانية، ولم يقل إن الأديان الثلاثة من مصدر إلهي واحد.

بالإضافة إلى هذا على الجانب العقائدي، والجانب الفكري، هناك الجانب السياسي والأيديولوجى. فقد كتب وزير المستعمرات البريطاني مسبى غو في عام 1938 في تقريره "إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الإمبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الإمبراطورية وحدها، بل فرنسا أيضا، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة."

كما نشير إلى المستشرق لويس ماسينيون صاحب الدعوة للكتابة بالعامية لكل بلد عربي واستخدام الحروف اللاتينية، بدلا من العربية، وهى الفكرة التي تبناها البعض عن غفلة، مثل المفكر سلامة موسى الذي تبناها، وتحمس لها!

مع ملاحقة المجهودات الاستشراقية، تبدو وكأنها جهد خاص لكل بلد أوروبي منفصلا عن الآخر، إلا أنها في مجملها تتجه نحو أهداف وخطوات مشتركة ومكملة لبعضها البعض.

فالاستشراق الألماني الحديث والمعاصر، بدا منتظما اعتبارا منذ عام 1921، وهو هام أول مؤتمر علمي للإستشراق في ألمانيا، ويعقد مرة كل ثلاث سنوات، ولا يزال منتظما حتى اليوم. وفيه درس مصطلح "الاستشراق"، حيث أشارت أوراقه إلى أنه البحث في "الشرق"، حيث هي مناطق إسلامية، تتحدث العربية في أغلبها، ومنها مناطق تنطق الفارسية والتركية وغيرها.

إلا أن أوراقه المعاصرة، لم تتجه نحو العموم، بل نحو قضايا محددة، منها القضايا السياسية الراهنة في منطقة الشرق الأوسط. وكذلك انتقلت الأبحاث لدراسة الأوساط الإسلامية في أوروبا وألمانيا تحديدا، حيث زاد عدد المهاجرين المسلمين، وتشكل من الأجيال الجديدة، من يعتنق الإسلام ويحمل الجنسية الألمانية (كما في فرنسا والكثير من الدول الأوروبية). وبالتالي أصبحت قضية "الإسلام السياسي" من القضايا المطروحة.

كما أن الاستشراق الأميركي، وإن بدأ متأخرا عن الأوروبي عموما، إلا أنه يبدو نشطا ومختلفا. ويمكن متابعة نشاط الإرساليات التبشيرية الأميركية منذ القرن الـ 19، في الشام مثلا تم افتتاح مدرسة لتعليم البنات في لبنان عام 1830، ثم الكلية السورية الإنجيلية 1866، تلك التي أصبحت الجامعة الأميركية العربية فيما بعد.

إلا أنه يمكن الزعم بأن النشاط الاستشراقى الأميركي لم يبدأ فاعلا وجادا، إلا بعد الحرب العالمية الثانية من القرن الماضي. وهو ما أوضحه مايلز كوبلاند ضابط المخابرات وصاحب كتاب "لعبة الأمم"، ففي عام 1952 خصصت الحكومة الأميركية بعض الجامعات التي ينشأ فيها مراكز للدراسات الإسلامية والعربية، مثل "مركز دراسات الشرق الأوسط/جامعة هارفارد" وفي غيرها.

كما تتميز التجربة الاستشراقية الأميركية، بعدم الاهتمام بالجانب اللغوي والأدبي في الدراسات، والاهتمام أساسا بالجانب الاجتماعي، والجانب التاريخي المعاصر وليس القديم، والتركيز على الدراسات الإقليمية. وهو جانب من الدراسات يكشف عن رؤية تطلعية وبرجماتية لا تخلو من الأطماع والرغبة في الهيمنة.

لعل من أهم من كتب في موضوع الاستشراق هو إدوارد سعيد الفلسطيني المولد، الأميركي الجنسية، وكان باحثا في جامعة "هارفارد"، ضمن مجموعة من الباحثين في الاستشراق، إلا أنه تلاحظ أنهم في مجملهم أميركان من أصول غير أميركية.

وقد تميز كتابه "الاستشراق.. الجغرافيا التخيلية"، بكونه استخدم منهجا مختلفا في التناول، فلم يعتمد على علم أو فرع أكاديمي واحد في رؤيته وتحليلاته. يرى أن الإبداع الأدبي خارج التصنيف البحثي، ضم كل المعطيات التكنولوجية الحديثة باعتبارها وسائل للمعلومات وطرح الأفكار: الأقمار الصناعية الخاصة بالتجسس، وسائل الدعاية المختلفة، مراكز البحث والتي تبدو في ظاهرها علمية/ثقافية بحتة.. وغيرها. وقد طرحها على أنها البديل الطبيعي عن الرحالة وكتب الرحلات القديمة.

وأشار بداية إلى أن النظرة الاستشراقية الأوروبية التي رأت في الاستشراق أنه لا يمثل واقعة من وقائع الطبيعة، بل واقعة من نتاج البشر، هو ما أفرز "جغرافيا أخرى" أو "جغرافيا تخيلية". تلك الجغرافيا التخيلية هي التي وضعت الشرق/ الآخر كعدو للغرب.

إذن هناك الشرق المتخيل الذي ولدته موازين القوى السياسية، وفي المقابل بدا هذا الشرق المتخيل في حالات من التحفز والمقاومة للغرب، نظرا للتاريخ الاستعماري القريب والبعيد. كما لم يكن هناك ما يمكن أن نطلق عليه "الاستغراب" أي دراسة الغرب في مقابل الاستشراق، وهو ما صنع فجوة تتسع دوما بين الشرق والغرب.

بالنظر إلى مجمل معطيات الاستشراق الأوروبي والأميركي، نخلص إلى بروز عدد من الظواهر اللافتة:

أولا: ظاهرة الهجوم والبعد العدائي تجاه الإسلام كعقيدة. لعل ما أثير مؤخرا من ظاهرة الرسوم المسيئة للرسول الكريم، أبرزها حاليا. وإن بدت وكأنها حالة فردية محلية لرسام في صحيفة دينماركية، باتت في أغلب دول الغرب بل وفي أستراليا (الشرقية) التي هي غربية الهوية. وهو ما يعكس تأثر الفرد العادي بتاريخ طويل من بث العدائية والمغالطات العقائدية والفكرية معا.

ثانيا: ظاهرة العدائية للعرب في الإبداع الأدبي، وبقلم من يعتقد في فكرهم الحر وغير المتعصب. وهو ما بدا في بعض قصص أحد الكتاب الفرنسيين وصاحب المكانة/الفنية في الساحة الثقافية العربية، وهو "كافكا".

ففي قصته "بنات آوى وعرب" تخلى عن منهجه في الكتابة، وابتعد عن الرمزية والفكر الوجود الذي تميز به. وجاءت القصة على شكل الحوار وعرض الأوصاف والآراء بشكل مباشر، إلى حد غير فني!

ملخص الفكرة (أوروبي يسير في صحراء عربية. يقابل مجموعة من بنات آوى طالبة منه أن ينصفها من عربي. فقطع رأس العربي بمقص صدئ. أثناء ذلك يأتي أحد العرب مبتسما، يشير إلى المقص وقد تجول في الصحراء على مر التاريخ دون جدوى) وهو ما يعنى اضطهاد العرب لبنات آوى وممارسة القتل فيهم. هو القتل على غير جريرة ارتكبت، تلك هي الفطرة التي فطر عليها العرب.

ثالثا: ظاهرة توظيف معطيات الاستشراق للأهداف الخفية والدعائية والصراع. وهو ما يمكن أن نشير إليه من واقعها ذكرها د. محسن موسوي حول خبر نشر قبل الغزو الأميركي/البريطاني للعراق بسنتين.

فقد نشر أن نظام صدَّام حسين أعدم مجموعة من بنات الهوى الغواني لممارسة الدعارة. قد يبدو الخبر عاديا، إلا أنه في حقيقته توظيف لفكرة "شهريار" الذي يقتل كل ليلة امرأة، ووظفت تلك المعلومة غير الحاضرة في ذهنية القارئ، لإعطاء صورة تمهيدية لصدَّام بكونه (شهريار/سفاح) العصر.

ولأننا لسنا بصدد الحكم على صدَّام وقد تأكد من عدم مصداقية الخبر (كما أفاد د. الموسوي) ليس أمامنا إلا التأكيد على أن الاستشراق ومعطياته (وهى الصورة المتخيلة للشرق) توظف في مجموعة من الأغراض والأهداف في غير صالحنا نحن العرب والمسلمين من حيث المبدأ.

رابعا: ظاهرة توظيف المؤسسات اليهودية لمعطيات الاستشراق، من خلال الدخول ضمن نشاطاتها مباشرة، أو بشكل فردي ليهودي متعصب. وهو ما أبرزه د. محمود زقزوق في بعض كتاباته، وأرجع المشكلة إلى المنهج الذي يتبعه الغرب، ولم يطلعوا على كتابات العلماء والمفكرين العرب، من باب البحث العلمي والتوثيق. وهو ما أرجعه إلى أن الاستشراق وقع في مغالطات عقائدية وعلمية أيضا.

خامسا: ظاهرة المشكلة التي يجب الانتباه لها بحق الآن، وأننا نحن العرب/المسلمين، قد تأثرنا بمعطيات الغرب إلى الحد الذي جعلنا نرى أنفسنا في مرآة الغرب، وفي ضوء معطياته وأفكاره ورؤيته. وهو ما يجب التوقف أمامه للتخلص منه، والبحث عن مرآة خاصة بنا!

لا يمكن إغفال بعض الدراسات الاستشراقية الإصلاحية، تلك التي كتبها مجموعة من المهاجرين العرب في أميركا خلال العقود القليلة الأخيرة، وبكل ما فيها من نقد لمجتمعاتنا، فلا تسعى إلا للإصلاح وكشف الحقائق العلمية. من هؤلاء: هشام شرابي، حامد عمار، جلال العظم،.. وغيرهم. فعلى الرغم من توصيفهم للمجتمع العربي بغلبة الغيبية والتخلف والعشائرية فيه، إلا أن عدم المبالغة والتناول التحليلي العلمي مع عدم جلد الذات. جعلت من كتاباتهم وجهة نظر تستحق المتابعة.

لا يخلو موضوع الاستشراق في النهاية من بعض الإيجابيات، منها: ترجمة الكلاسيكيات العربية، توثيق وحفظ بعض الكتب التراثية القديمة، شحذ الهمم وفهم الآخر الغربي لعله يفيد في معالجتنا لمشكلة الرسوم المسيئة للرسول الكريم (مثلا) وفي غيرها. خصوصا أن هناك قلة بدت موضوعية وعلمية في كتباتها، كما بدا في كتاب البريطاني جان دوانبورت في كتابه "اعتذار لمحمد والقرآن" مؤخرا.

وربما بدت تلك الرؤية الرحبة المتسامحة المتعالية على العنصرية، في أشعار جوته، حيث قال في قصيدته "نشيد الهجرة":


الشمال والجنوب أقطارها تتصدع وعروشها تزول وممالكها تنهار،

اهرب، اهرب، أنت إلى المشرق الطهور،

واستنشق الهواء المعبق بعطر الآباء


أما وقد انتهى العصر الذهبي للاستشراق، وربما اختلفت صورته ووسائله بدخول أميركا الميدان بكل إنجازاتها التكنولوجية، فلا بديل عن "الاستغراب". نحن طرف أمام آخر، ندرسه كما درسنا، ولو من باب الحيطة والحذر!

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى